ارتفاع معدل الجرائم في الأردن (1-2)
- TRP
- Oct 17, 2020
- 5 min read

الطالبة: إلينا نبيل الشطناوي - كلية القانون جامعة العلوم الإسلامية
سجلت معدلات الجرائم المرتكبة في الأردن في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظأ فخلال العام الماضي ٢٠١٩ ارتفعت بنسبة ملحوظة 7.5% وذلك وفقاً للتقريرالإحصائي الجنائي الصادرعن إدارة المعلومات الجنائية و الذي أشار أيضاً بأن أصحاب الأعمال الحرة هم أكثر ارتكابا للجرائم بالمرتبة الأولى و المتعطلون عن العمل في المرتبة الثانية.
وهذا وجب علينا أن نطرح تساؤلات الجادة عن الأسباب التي أدت إلى هذا الإرتفاع منها:
1.هل السبب في البعد عن الدين و ممارسة الشعائر الدينية الضعف في أساليب التربية و إخراج الجيل المتفتت لا الكبير له؟
2.التقصير التشريعات الأردنية في وضع الجزاء المناسب للجرم المناسب ؟
3.الأوضاع و الظروف المتزامنة مع جائحة كورونا .؟
4.الجنب الإقتصادي.
5.الجانب التعليمي.
6. المشاكل الأسرية والثقافة المجتمعية.
7. الإفراج عن المسجونين في مراكز الإصلاح والتأهيل.
وسوف نتناول كل منها على حدا:
السبب الأول(البعد عن الدين وممارسة الشعائر الدينية):
إن الشريعة الإسلامية واضحة بتشريعاتها و مبادئها عندما وضعت حداً لمرتكب لجريمة الزنا بأن العقوبة للمتزوج (المتحصن )ثمانين جلدة و الغير المحصن الرجم حتى الموت بينما اعتبرت القوانين الوضعية بأن الزنا مسألة من المسائل الشخصية لا تمس بمصلحة الجماعة إذا تمت بالتراضي، فالقانون لا يعتبرها جريمة إلا إذا قام الزوج حرك دعوة تجاه زوجته وهذا موافق للمنطق إذ
انه من غير المعقول إثبات حادثة الزنا ما بين الشخصين و لكن من أهم التطبيقات القانونية على هذا المنوال فكرة الآداب العامة التي تتناول الإتفاقيات تتعلق بالعلاقات الجنسية الغير المشروعة و بيوت الدعارة و البغاء و المقامرة نصت على بطلانها.
كذلك السرقة فعقوبتها قطع اليد في الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي جعل العقوبة السارق الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الحبس حسب الأحوال و الظروف الجريمة و تعدد الجناة و انفرادهم.
وأيضاً ما يتعلق بقطّاع الطرق فعقوبة قاطع الطريق في الشريعة الإسلامية أن يقتل أو يصلب إذا قتل و أخذ المال ، يقتل بلا صلب إذا قتل و لم يأخذ المال، و تقطع يده و رجله من خلاف إذا أخذ المال و لم يقتل، و ينفى من الأرض إذا أخاف السبيل فقط فلم يقتل و لم يأخذ مالا .قال تعالى :"إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب العظيم *الا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم "، و قد عالج هذه المسائل القانون الوضعي في نصوصه..
وإننا في زمننا الحاضر لا نستطيع تطبيق حدود الله كأن يقتل القاتل و السارق تقطع يده لصعوبة الوقوع الجزاء و لكثرة الجرائم و الفساد.
السبب الثاني( قصر التشريعات في اختيار الجزاء المناسب) :
أما فيما يتعلق بالسبب المحتمل الثاني والمتعلق بقصور التشريعات المحلية فقد أشار نقيب المحامين السابق النائب صالح العرموطي إلى أن "عدم تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء فيما يتعلق بعقوبة الإعدام فاقم من معدلات الجريمة ...و أن لإتمام التنفيذ عقوبة الإعدام يجب أن يصادق عليها الملك و هذا ما ادى الى تأخيرها و زوال صفتي الزجر و الردع عنها".
وإن أصل القانون حسب رأي المذهب الواقعي بقوم على الواقع الملموس الذي تسجله المشاهدة و تؤيده التجربة القائمة على المعرفة العلمية الصحيحة المنضبطة ، على أساس اليقين لا على أساس التخمين .
فالقاعدة القانونية توجد لتحقيق التضامن و التكافل الإجتماعي فكل من شأنه المحافظة على هذا التضامن تأخذ به القاعدة القانونية و تأمر به و كل ما يهدد التضامن تبتعد وتنهى عنه، ففكرة التضامن الإجتماعي هي الأساس التي يجب عليه القانون بناء قواعده .
و على ذلك، و لكثرة الجرائم و عدم الخوف من الجزاء و الإستهان به يجب تنفيذ الحكم الصادر عن القضاء فيما يتعلق بعقوبة الإعدام و ايجاد طريق مختصر للمصادقة عليه.
لذلك من ناحية القانونية فإن قانون العقوبات العام يضم نصوصاً ممتازة من ناحية وصف الأفعال الغير المشروعة و النوعية الجزاء و لكن في بعض الأحيان نفعّل المادة الخاطئة للجرم المعين، وهذا ما أدى بحد ذاته ارتفاع نسبة الجرائم، فالعلة ليست في النصوص وإنما في إختيار النص المناسب .
السبب الثالث (الأوضاع التي تزامنت مع جائحة كورونا):
منذ بدء الجائحة (فيروس كورونا ) والتي أحدثت تغييراً العالمي الطارئ في ٣١ديسمبر ٢٠١٩ زادت حالات الإصابة بالإلتهابات الرئوية في المنطقة ووهان في الصين من ثم انتشر هذا المرض في المناطق الأوروبية و عدد من الدول العربية .
من هذا التاريخ بدء ارتكاب الجرائم التي لا يستهان بها في الأردن منها: بداية من تموز ٢٠٢٠ حصول حادثة احلام التي هزت الأردن والدول العربية، وفي شهر تشرين الأول ٢٠٢٠حادثة فتى الزرقاء صالح والتي تسببت بصدى كبير واستنكار شعبي عارم.
و غيرها من الجرائم كالعثور على الجثة سيدة تم خنقها من قبل أحد ابنائها ، سيدة تم قتلها من قبل طليقها ، مفارقة سيدة عشرينية الحياة بعد إلقاء نفسها من الشرفة منزلها من الطابق الثالث إثر خلاف عائلي في منطقة البتراوي ، قدوم شاب على قتل شقيقته طعنا في الكرك ، وفاة سيدة عشرينية اثر سقوطها عن سطح المنزل بلواء الوسطية في اربد ، قتل سيدة ضربا و خنقا من قبل امرأتان في منزلها بسبب خلاف بينهن ، و في اليوم العالمي للمرأة ٨ مارس زوج يقتل زوجته بالدفع العمد .
وإنني أرى أن جائحة كورونا لم تكن سبباً في ظهور هذه الجرائم بل كاشفة لها لا مسببة، فقد وضعت شماعة لتعليق الحجج الواهية عليها من لهم المصلحة في ذلك.
السبب الرابع(ألجانب الإقتصادي):
الإقتصاد له دور خطير جدا في هذه الحالة ، لأن أثر الوقائع الإقتصادية المالية الإجتماعية تؤثر بشكل كبير في حركة الإجرام كدتني الإقتصاد في ظل آخر عامين في الأردن يوافقه زيادة في ارتكاب الجرائم.
السبب الخامس(الجانب التعليمي):
من المنظور التعليمي فقلة الوازع الديني ،فقدان المرجع الصحيح ، الجهل بالمواد القانونية ، تمرد على السلطة و عدم الخوف من الجزاء عند الأشخاص هذا ما أدى الى ارتفاع الجرائم بشكل واضح .
السبب السادس(المشاكل الأسرية والثقافة المجتمعية):
خوف الأولاد أو الزوجة الذهاب الى المراكز الحماية الأسرة و الوقوف الفتاة أمام والدها في دعوى عضل الوالد مثلا أو المطالبة بحق ،و هذا سبب في ضياع بعض الحقوق يؤدي إلى ما بعد ضياع الحياة و زيادة المعدلات ارتكاب الجرائم خاصة في العائلات الأسرية من الضرب المبرح (العنف الجسدي) أو القتل المرأة بذريعة الشرف.
وما يحزن أكثر عدم اقتراب و تدخل الناس أو الجيران لمساعدة فتاة تحت ضرب مبرح من قبل أباها أو أقاربها أو زوجها و هذا ما حصل فعلا في الحادثة إسراء و أحلام .
وما زاد فعلاً حدوث مثل هذه الجرائم وجود السوشال ميديا بيد الصغير و الكبير تتضمن الألعاب العنف و القتل لتصبح مألوفة ، الصدور افلام و مسلسلات القائمة على استباحة ما هو محرم أو التحدث عن العصر المتخلف القديم الذي يرون المرأة كالخادمة الحبيسة المنزل و أن ضربها شيء معتاد و لا يحق لها اختيار الشريك حياتها و لا الإنفصال عنه لتصبح المطلقة عالة على المجتمع أو عن موضوع الخيانة و العلاقات الغير المشروعة ، عندما تذاع كهذه من المسلسلات سوف تبقى هذه العقول لا محال ولا مجال من الهروب لوقوع متل تلك الجرائم .
وعند القتل بإسم الثأر و تخفيض العقوبة لذلك السبب هذا ما أدى أيضاً الى ارتفاع الجرائم بشكل ملحوظ .
السبب السابع (الإفراج عن المسجونين في مراكز الإصلاح والتأهيل):
إن الإفراج عن المسجونين في المراكز الإصلاح و التأهيل في دعاوى الجنحية المنظورة ما أدى إلى ارتفاع المعدلات ارتكاب الجرائم في الأردن كما هو الحال.
فقد صدر قرار بالإفراج عن ١٥٠٠ موقوف في تاريخ ١٧\٣\٢٠٢٠ تطبيق لما وصته المنظمة الأمم المتحدةفي ١١ \٣\٢٠٢٠ في الإفراج عن المسجونين الخشية عليهم الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد19) بسبب الإكتظاظ.
و الجريمة التي وقعت من قبل الأشخاص اعتدوا على فتى ببتر يداه و فقع عيناه الجريمة البشعة التي لم تصل إليها داعش الإرهابية بعد في قتلها فقد اعتمدت الذبح( الموت السريع ) لا بتر أطراف أو تركه ينزف حتى الموت، ثبت أن أحد من المعتدين يملك السجل الإجرامي يزيد عن ١٧٠ قيد و كان موقوف بأحد المراكز الإصلاح تم الإفراج عنه مؤخرا.
في هذه الحالة جعلنا المعيار الصحي بالمرتبة الأولى و المعيار الإجرامي بالمرتبة الثانية ألا يكفيه المجتمع الوباء الصحي على أن يزاد الطين بلة بلإجرام .
أي من هذه المعايبر يجب أن تعلو على الآخر و كلا المعايير الأهم من المهم !؟
تختلف الأسباب بإختلاف وجهات النظر و الآراء فمثلا القانوني يرى السبب بعدم احترام القانون والقصر في التطبيق العملي لتنفيذ الأحكام ، المتدين يرى السبب بالبعد عن الشعائر الدينية ، و المواطن العادي يرى السبب بالفقر و تدني الإقتصاد .
الأهمية ليست في المشكلة بحد ذاتها و لا المصدرها بل في إيجاد الحلول و تطبيقها بأسرع ما يمكن وهذا ما نتطرقه فيما بعد إن شاء الله .
Comments