top of page

جريمة الزرقاء من وجهة نظر قانونية

  • Writer: TRP
    TRP
  • Oct 17, 2020
  • 3 min read













الطالب محمد خير أبو سويلم - كلية القانون (جامعة العلوم الإسلامية).



لا شك أن هناك إجماعاً شعبياً على بشاعة وفظاعة جريمة الزرقاء ونشد على يد أجهزتنا الأمنية في أن تضرب بيد من حديد لتوقف تلك الشرذمة الضالة من المجرميين أصحاب السوابق الجرمية الخطيرة لتقديمهم للعدالة لكن المطالبات الشعبية واسعة النظاق والتي تطالب بعقاب المتهمين بمثل ما أتوه يمكن أن يكون مقبولاً عاطفياً لكنه غير مقبول قانونياً فالمبدأ الجنائي الذي يسير عليه القضاء الأردني هو أنه: " لا جريمة ولا عقوبة الا بنص" وفق المادة (3) من قانون العقوبات الأردني وكما لا يوجد في التشريع الأردني ما ينص على إيقاع العقاب في الميادين والساحات العامة على مرأى الجميع، والدعوى منظورة أمام الحادثة أمام القضاء وكلنا ثقة بقضائنا العادل وبرجاحه حكمه في النيل من من المجرمين وتحقيقه للردع العام والخاص بعيداً عن العشوائية والغوغائية .



وتلخصت جريمة "فتى الزرقاء"او "جريمة الزرقاء"تعُرف كما نُشر بأنها عملية إختطاف لفتى يدعى "صالح" يبلغ من العمر (16 سنة) من قبل عدد من المجرمين ذو السوابق القضائية فبلغ عددهم ١٦ شخص حيث اقتادوه إلى منطقة خالية من السكان شرق الزرقاء، فقاموا بقطع يديه بأداة حادة(بلطة) وفقء عينيه، في منطقة خالية من السكان، فتم العثور عليه من قبل بعض الأشخاص وتم نقله إلى المستشفى ويبدو أن سبب الاعتداء على الفتی يتمحور حول جريمة قتل سابقة ارتكبها والد صالح .


وفيما يتعلق بالتكييف الجرمي فإنني أميل إلى ما تفضل به ثلة من المختصين في القانون الجنائي بأننا :

نستخلص النيه الجرميه للجناة من الأداة المستخدمة وطبيعتها ومكان الاصابه وطبيعه الاصابة ومن ظروف وملابسات القضيه، التي هي من اختصاص النيابة العامة لأن القصد الجرمي أمر مهم وفاصل لتحديد وتكييف الجرائم .

وقد نص المادتين (328/1 و 170/1) من قانون العقوبات، واللتان تعاقبان على جناية الشروع التام في القتل القصد مع سبق الإصرار (القتل العمد) بالأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة -ونوضح ذلك كما يلي :

نصت المادة (328/1) من قانون العقوبات على أنه:( يعاقب بالإعدام على القتل قصدا إذا أرتكب معسبق الإصرار، ويقال له القتل العمد)، ونصت المادة(70/1) من ذات القانون على أنه: ( إذا كانت الأفعال اللازمة لإتمام الجريمة قد تمت ولكن الحيلولة أسباب مانعة لا دخل لإرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة، عوقب على الوجه التالي :

1 - الأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية التي شرع فيها تستلزم الإعدام..... الخ)


بالتالي و حسب الوقائع استعمل الجناة أداة حادة (البلطة) التي أدت الى اصابة الفتى اصابات خطيرة تمثلت بقطع يديه وفقئ عينيه فهي اصابات كافية الى وفاته، فوفاته هي نتيجة متوقعة حسب التقاري وأقوال أصحاب الخبرة الطبية التي تفيد بذلك فلو لم يتم اسعافه ونقله الى المستشفى لتوفي، وإن توقع الجناة نتيجة القتل لإستخدامهم أداة تعد أداةً قاتلةً بطبيعتها ولأن اصابة المجني عليه في أمكنة و مواطن مقتل فقبلوا الجناة بتلك النتيجة المتوقعة (الوفاة) فخاطروا وجازفوا بالفعل فقاموا به وأرتكبوه.


وإن الجناة قد لا تتجه إرادتهم الاجرامية الى قتل الفتى لكن الوفاة نتيجة متوقعة بدلالة الاداة المستخدمة ومواطن الاصابة فهذا النوع من القصد الجرمي يسمى قصد الاحتمال (القصد الغير مباشر) فهم يريدون إرتكاب الفعل لكن لا يريدون ازهاق روحه .


فيتعين أيضاً على النيابة العامة إثبات سبق الإصرار كظرف مشدد عن وجود تخطيط مسبق لإرتكاب هذه الجريمة فإذا استمر التخطيط لفترة زمنية تكفي للقول باستقرارالجريمة في أذهان الجناة وتصميمهم عليها، فهؤلاء الجناة كما يتضح من وقائع الجريمة اقتادوا المجنى عليه لمكان بعيد، بعد أن جهزوا الأدوات الحادةواستجمعوا أنفسهم للاعتداء عليه، كما أن الاعتداء وقع عليه بسبب جريمة قتل سابقة ارتكبها والده(أي والد الفتی).



وبناء على ما تقدم، أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع التام في القتل العمد، فإن العقوبة التي يستحقها الجناة هي الأشغال المؤبدة أو الأشغال لمدة عشرين سنة عملأ بالمادتين (328/1 و 70/1) من قانون العقوبات الأردني و جنحة الخطف الجنائي بالإشتراك والمحكمة المختصة بذلك هي محكمة الجنايات الكبرى عملا بالمادة (4/أ/1 و3) من قانون محكمة الجنايات الكبرى وإن هذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص محكمة جنايات محافظة الزرقاء، لأنها هي المرجع القضائي التابع له مکان وقوع الجريمة عملا بنص المادة (5) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، أي ليس من اختصاص محكمة أمن الدولة لانتفاء شروط وعناصر جريمة تشكيل عصابة بقصد سلب المارة المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب والمنصوص عليها كذلك في المادة (158) من قانون العقوبات.


أما إذا تعذر على النيابة العامة إثبات جناية الشروع التام في القتل العمد لانتفاء أحد أركانها فإن نص المادة (335) جناية إحداث عاهة دائمة نص احتياصي بالنسبة لنصوص جناية الشروع التام في القتل العمد .

حيث نصت المادة (335) من قانون العقوبات على أنه:

( إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدىالحواس عن العمل، عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات).


ختاماً فإنه لا بد من التأكيد على أن العقاب الرادع لوحده ليس كفيلاً باجتثاث الظواهر الإجرامية بل يجب أن يتم الأمر وفق استراتيجية وطنية حقيقية تبنى على أسس علمية رصينة تدرس مسببات هذه الظاهرة من مختلف النواحي حتى نتمكن من اجتثاثها بشكل جذري.

Comments


  • White Facebook Icon
bottom of page